//~
قيلَ يومًا على لسانِ العلامّة الزُهري – رحمهُ الله – : ” إنَّما هو دين ، من حفظهُ سَاد ” *.
من هذه الجملة انهمرت أفكاري وأخباري ، وجالَت في خاطري صورُ البكاءُ والعويل وأُسمعت أذني
حتى الصمم تلك الصرخات المقهورة ، كأنَّها انفجاراتٌ مدويّة أسقطت الحَجر لتضعَ السِجافَ المتين
وتحولُ دونَ فرحتنا بأمَّةٍ سادت وقادَت .
يُحكى في قديمِ الزَمان ، عن عُلماء كانوا في هذا المَكان
مصارِعهم حرفٌ أحقَّ الحق ولو بعد حين ، وجماجمهم سلّمٌ ارتقى به الدين
حكاياهُم كأنَّها اليومَ أساطير ، فالكلُّ خائف من قول “ أسير ”
لا تستغرب ياقارىء حرفي ، واستكمل معي فَكرتي وأطروحَتي فإني لمحبةٌ لهذه الأمَّة حتى الفِداء
وناصحةٌ أمينة لا تردني في الله لائِمة ومن مَحبتي هَاج مدمَعي وسطّرتُ ما أبتغيهِ اليومَ شاهدًا لي
لا عليّ .
وهذا استرجاعٌ لما مضى :
هل تَذكرُ قول الزهري وما ابتدأتُ به ؟ نَعم هو دِين وليس بأيَّ دين إنما
دينٌ سادَ أصقاعَ الأرض سؤددًا وعِزَّة وأتباعهُ الذين نشروه بادِىءَ الأمرِِ أصبحوا تحت الثَرى ،
ولكن لم تختفي آثارُهم ولم تُمحى كلِماتهم بل تَعالَتْ قِمم الثُريا لأنَّ الموفق من وفقهُ الله وعسّله
وأقدامُ السلفِ هي أقلامُهم كتبوا بها على الأرضِ أمجَادَهم
وقبلَ أن تكونَ كلماتي هذهِ للمتلقي العامي فهي للمتلقي العالِم المُعلّمِ أبدى وأنجع ،
فإلى عُلمائِنا الموفقين وإلى الذابين عن حياض دينِ الموحّدين
أينَ أنتُم مما يحصلُ لأمتنا ؟ أينَ البياناتُ والخُطب في أمرِ الجهاد وأحكامِه ؟
أينَ من لا يخافُ في الله لومةَ لائِم ويضعضع بالجِهادِ قلوبَ المُرجفين ؟
لقد بِتنا نرى خَور الكلمات وتصاغُر العِبارات ومن بعدها تساق منَّا العَبرات ،
فهل حالُ إخواننا في المَشارق والمَغارب مِن قتلٍ وتنكيلٍ يُعجب المسلم ؟
أو تقرُّ له العينُ هانِئة بالكَرى ؟
أو يرتاحُ الخاطِر وهو يرى الأمَّة تسيرُ نحو هوّة مِن إشغالها و تشتيتِ أمرها ليختلطَ حابلها بنابِلها
، ويصبحُ المتحدث باسمها كحاطبِ ليل
ويسيرُ المقتولُ بين جنباتها يرددُ يومًا :
ليسَ لمثلي أن يَتحدث بما هو واجبٌ عليكم ، فأنتم بحورنا الغزيرة وتيجانَ الرؤوسِ وصفوةُ الأفاضل
ولا تَفاضل ، ولكننا تعلمنا مِنكم بعد أن أثنينا الركب في مجالِس السؤدد أنَّ العلم يهتفُ بالعمل
فإن أجاب والا ارتحل ، فهل يرتحلِ العلم ويصبحُ فرضُ الجهادِ كسرابٍ بقيعة ؟ ونُصدّق الغرب
ونمشي المُطيطاء نتبعُهم في نعيقهم ؟ ، لا أعلم إنْ كُنتم ترونَ ما أرى
ولكنا بتنا في تبعٍ لهم حَذو القدّة بالقدّة وبمسمى البُعد عن الإرهاب أبعدونا عما كنا نعتزُّ به
ونرهبُ به قلوبهم الخانِعة، وأصبحَ من يُستقبلُ بالترحيب والحَفاوة من قتلَ أهلنا بالأمس
وكأنَّ لسان حال حُكامنا المُنهزمين : مرحبًا بمن قتل المسلمين ، مرحبًا دعنا بخير فالقاعدون منا
كثر وذاك الجهاد قد وأدناه بعد أن كممنا أفواه العلماء وجعلنا فتاواهم على ماتشاءُ
أهوائُنا وغاياتُنا ، وأشغلنا الشباب بالترّهات وبدل أن ينالوا الشهادة في ساح الوغى أصبحوا
يبحثون عنها في ساحات الغنا والخنى .
يا عُلماءَ الأمَّة ، يا أهلَ التوحيد : كَم نحنُ في اشتياقٍ لكلماتِكم الصادِحة المُجلجلة ، كَم نحنُ في
اشتياق لعلماءَ يطلبونَ رِضا الرحمن لا رِضا السُلطان
كَم نحنُ في اشتياقٍ أن يهبَّ النفير ولو بكلمةَ حقٍ تشهدُ لكم عند الله حينَ تُعرض عليكم دِماءُ
إخواننا المُهرقة فتُسألون عنها فلا تَجدون على ذلك جوابا
مِنْ ها هُنا ،حتى يحينَ لصوتِكُم أن يُسمع بالحق فوقَ كلُّ صوت وحتَّى تُطبّق أحكامُ الله في أرضه ..
سأوقفُ يَراعي { استراحَة مُناضلْ لا خُضوعَ مُتخاذِل .
{
جُهْدُ المُقِلُّ إن خفيَ الزئيرْ
وإن غابَ البيانُ ولا نذيرْ
قُلتُ : السماحُ فحينها ..
إني على دربِ الإباء أسيرْ
* قيلَ وبعد البحث عنها أنَّ القصة مُنكرة ، وأُخذ المَعنى لصحته وتأييدهِ بقول الله تعالى
” يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ”
كُتب حرقةً في الـ 11 من ذي القِعدة ..!